قصيدة سجل انا عربي للشاعر محمود درويش من روائع القصائد التي قيلت في فلسطين وقد سببت ضجة كبيرة عندما تم نشرها لأول مرة في اوساط الاسرائيلين اليكم القصيدة
سجل
أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهم سيأتي بعد صيفْ
فهل تغضبْ
سجل
أنا عربي
وأعمل مع رفاق الكدح في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسل لهم رغيف الخبزِ
والأثواب والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسل الصدقات من بابكْ
ولا أصغرْ
أمام بلاطِ أعتابك
فهل تغضبْ
سجل
أنا عربي
اسمٌ بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كل ما فيها
يعيض بفورة الغضبِ
جذوري
قبل ميلاد الزمان رستْ
وقبل تفتح الحقبِ
وقبل السرْوِ والزيتونْ
وقبل ترعرع العشبِ
أبي من أسرة المحراث
لا من سادةٍ نُجُبِ
وجدي كان فلاحاً
بلا حسبٍ ولا نسبِ
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتبِ
وبيتي كوخ ناطورٍ
من الأعواد والقصبِ
فهل ترضيك منزلتي
انا اسمٌ بلا لقبِ
سجل
أنا عربي
ولون الشعر فحْميٌّ
ولون العين بنيِّ
وميزاتي: على رأسي عقالٌ فوق كوفيهْ
وكفي صلبة كالصخرِ
تخمش من يلامسها
وعنواني: أنا من قريةٍ عزْلاءَ... منسيهْ
شوارعها بلا أسماءْ
وكل رجالها في الحقل والمحجرْ
فهل تغضبْ
سجل أنا عربي
سلَبْتَ كروم أجدادي
وأرضاً كنت أفلحها
أنا وجميع أولادي
ولم تترك لنا ولكل أحفادي
سوى هذي الصخورِ... فهل ستأخذها حكومتكم كما قيلا
إذن
سجل برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكني إذا ما جعتُ
آكل لحم مغتصبي
حذار حذارِ من جوعي
ومن غضبي
__________________
أبتاه ماذا قد يخط بناني = والحبل والجلاد ينتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة = مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها = وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في = هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل = والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي = في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة = دب الخشوع بها فهزكياني
قد عشت أؤمن بالإله ولم أذق = إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم لا أريد طعامهم = فليرفعوه فلست بالجوعان